فقدان البوصلة

لقد مر عام على وفاة والدى 1-12-2011.

 عام من اطول الاعوام التى مررت بها و لحظات كسنوات و أيام كالقفر .. لا أعرف من أين ابدأ و لكنى اعرف أن الامر بدأ قبل عامين من الأن .. قبل دخولى القوات المسلحة و قد بدأ العد التنازلى لكل شىء فى لحظات .. بعد زواج اخى الاكبر وكنت احضر نفسى لدخول الجيش بعد أن علمت إنى جندى وليست وضابط احتياط .. فرحت بشدة من هذا الفضل و كنت اود لو اهرب منه ولكن لا فرار ..فى هذه الاثناء كان والدى يستعد لاجراء عملية جراحية ..فى الوقت الذى استعد فيها لدخول معسكر التدريب .. أو المنفى الاجبارى فى القوات المسلحة و كان علىّ أن أودع والدى فى المشفى لكى يتم اجراء العملية فى أثناء غيابى -لكم أكره المستشفيات ....هذا الكره من الصغر لم يفارقنى ابدا-.. وكان الوادع علىّ ثقيل لم استطيع أن أتحمله و تمنيت لو أنى أهرب و ابقى بجوار أبى ..لكنى كان علىّ أن ألبى نداء الوطن .. و بدأت عملية سفرى من إلى مركز التدريب فى القاهرة وبدأت محاولات الاتصالات اليومية باخواتى و أمى و بأبى لكى أطمئن على أبى .. و كم الطوابير الهائلة على اجهزة المحمول التى كانت تابعة لمدير مركز التدريب ..حتى جاء أول زيارة فى اول جمعة و كانت جمعة الغضب (و كنت عرفت أن مستحيل أن يأتى أحد من اسكندرية للقاهرة لظروف البلد ).. و دخلت مكان الزيارة التقى بصديقى و أخى عصام و كان أول سؤال له " معاك موبايل ..قال لى اها ..بس الاتصالات قطعت !!!كنت على استعداد أن ادفع عمرى كله لكى أطمئن على أبى .. و كنت فى حالة يرثى لها ..بسبب اجراء والدى لعملية و بسبب الاحداث الخارجية التى لا استطيع ان اتفاعل معها و انتهت فترة التدريب داخل مركز التدريب و عرفت أنى سوف اخدم فى احدى مستشفيات القوات المسلحة..و لكرهى ال شديد فى المستشفيات..لم اعرف ما سبب هذا المكان تحديدا ..كنت اعلم يقينا أن لكل حدث يحدث لى حكمة فى ذلك ..بدأت المرحلة الثانية من خدمتى فى القوات المسلحة ..و بدا والدى أنه متوعك بدأت احداث تتوالى فى اثناء وجودى ..و اثناء غيابى ..و كانت الايام تمر و أنا ادعو الله أن يشفى أبى و أن يمد فى عمره و أن يرانى بعد أن أنتهى من هذا السجن ..لكم وددت أن يرانى أبى بعد هذه الفترة من حياتى ..حتى عرفت بوفاة والد واحد من اصدقائى الاعزاء ..قبل انتهاء فترة انتهاء جيشه ..و كاد قلبى ينخلع .. تخيلت مكانى مكانه .. كان هذا فى شهر سبتمبر قبل 3 شهور من انتهاءه من خدمته فى الجيش و قبل 6 شهور من انتهاء خدمتى فى القوات المسلحة .. أما عن السبب الذى عرفته (أو ايقينته ) أن سبب توزيعى فى احدى مستشفيات القوات المسلحة ..هو احد مراحل اعدادى لهذا الخبر ..أما عن مكان خدمتى فى المستشفى فكان المفترض أن أجلس أمام حاسب ألى و اكتب الخطابات ..و لكن مشيئة الله اختارت لى أن أعمل على ماكنية تصوير فى مكتب شئون المرضى... كنت أرى دخول المرضى و خروجهم .. كنت أرى المرضى و هم ينهون اجراءات دخولهم ..و قد لا أراهم و هم يخرجون ..كانوا ينتقلون اسما فى دفتر الوفيات .. كنت أرى حالات الفشل الكلوى ..و حالات الكبد ..وكنت لا استطيع أن أحتمل هذا على الاطلاق .. و لكنى مكانى فى هذا المكان بالذات فى هذا التوقيت من حياتى لهو أنسب مكان لتقويمى و تجهيزى لما سأمر به فيما بعد .. فى مثل هذه الايام من العام الماضى كانت اخر أيام أبى معنا .. لكم كنت أتمنى أشياء كثيرة و لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ..كان قدر الله امضى من السيف .. أبى .. أعلم إنى كنت مشاكس و كثير الجدال معك فى كثير الامور ..لكنك أنت الذى ربتنا على هذا .. أبى .. أعلم إنى كنت مقصر فى كثير من الأوقات .. لكنى لم أكن اعلم ان النهاية قريبة بهذا الحد أبى .. أعلم أنى لا اسمع الكلام احيانا ..و كانت اخر مرة ..قبل وفاتك باسبوع إذا ذهبت إلى التحرير بدون موافقتك ...لكم ألمنى هذا بعد وفاتك .. كنت ذهبت لكى أهرب ..سافرت طمعا فى رصاصة تنهى حياتى ..عندما اتصلت بى فى هذا اليوم و قلت "يا ابنى أنا تعبان تعال" مكنتش اعرف إن ده اخر جمعة ليك فى الدنيا و الجمعة اللى بعدها صليت عليك صلاة الجنازة بعد الجمعة .. لكم كنت مقصر .. لكم كنت أن أدفع من عمرى كى أكون بجوارى أبى .. أبى سامحنى فلم أكن ذاك الابن البار .. أبى أنى مفتقدك .. أبى إنى فاقد للبوصلة اللهم اغفر لأبى و أرحمه وأعفو عنه و تجاوز عن سيئاته اللهم اغفر لأعمامى و ارحمهم و اعفو عنهم و تجاوز عن سيئاتهم اللهم أغفر لموتى المسلمين و تجاوز عن سيئاتهم

0 comments:

Post a Comment

About this blog

بلوج عادى باخبار عادية

Followers

About Me

My photo
واحد بيحاول يجد الطريق الامثل للحياه وطبعا الطريق ده لازم يكون فى سعادة و يكون قصير و يكون مفيش فى معاصى لانه فى النهاية هيوصلنى يا إما جنة او نار !!